مخدر الأفيون وماذا يفعل بالجسم

تاريخ استخدام مخدر الأفيون

مخدر الأفيون هو أحد أقدم المخدرات في التاريخ، حيث استخدمته العديد من الحضارات في جميع أنحاء العالم لأكثر من 8000 سنة ويعتقد أن أول استخدام لمخدر الأفيون كان في منطقة بلاد ما بين النهرين حول عام 6000 ق.م حيث كان يسمى Hul Gil أو زهرة الفرح ومن هناك، انتشر استخدام مخدر الأفيون إلى مصر والهند والصين والشرق الأوسط وأوروبا، حيث كان يستخدم لأغراض طبية ودينية وترفيهية، والجدير بالذكر أن مخدر الأفيون ذو طعم مر للغاية ورائحة كريهة نفاذة.

في القرون الوسطى، كان مخدر الأفيون شائعًا بين الأطباء والفلاسفة والشعراء، كما كان يستخدم لعلاج الإصابات والجروح والإسهال والسعال وفي القرن التاسع عشر ازدهرت تجارة مخدر الأفيون بين الصين وبريطانيا، مما أدى إلى حروب الأفيون الشهيرة.

في القرن العشرين، اكتشف العلماء طرقًا لتحويل مخدر الأفيون إلى مشتقات أقوى وأخطر، مثل الهيروين والميثادون والفنتانيل، وهذه المخدرات أدت إلى زيادة مشكلة الإدمان والتعاطي غير المشروع والجريمة والموت في جميع أنحاء العالم.

ماذا يفعل في الجسم ؟

الأفيون يجعل المتعاطي يشعر بالسعادة والسرور فترة قصيرة بعد تعاطيه وبعدها يعاني من تقلبات مزاجية بين قلق عصبيه واكتئاب نتيجة تأثيره على الدماغ وأيضا قد يسبب ضيق التنفس بسبب تأثيره على الجهاز التنفسي وفيما يلي نوضح تأثير الأفيون على الجسم بشكل تفصيلي.

الجهاز العصبي

مخدر الأفيون يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وهو المسؤول عن التحكم في الإدراك والحركة والانفعالات والذاكرة، فعندما يستخدم شخص مخدر الأفيون يتصل بـ مستقبلات الأفيون في المخ وهي نفس المستقبلات التي تستجيب للإندورفين وهو هرمون يساعد على تخفيف الألم وإنتاج شعور بالسعادة وهذا يؤدي إلى تقليل نشاط خلايا العصبية في المخ، مما يسبب تغيرات في المزاج والسلوك والحساسية، وبعض آثار مخدر الأفيون على الجهاز العصبي هي:
شعور متعاطي الأفيون يتمثل الاحساس بالسرور والانبساط، ولكن الجدير بالذكر أن هذا الشعور لا يدوم كثيرًا لما يعقبه من نتائج جسيمة.
يحول دون تشكيل ذكريات جديدة أو استرجاع ذكريات قديمة وهذا يؤثر على قدرة الشخص على التحصيل الدراسي والتطور المهني والتكيف مع المواقف.
بسبب تقلبات في المزاج، مثل الغضب والحزن والقلق والذنب وهذه المشاعر تزداد عندما يحتاج الشخص إلى جرعة جديدة من مخدر الأفيون، مما يؤدي إلى الانسحاب والاكتئاب والتوتر.
كما أن تأثير الأفيون على الدماغ يكون متمثل في حدوث العديد من التغيرات في المنطقة المسؤولة عن التفكير والذي يطلق عليها اسم " منطقة الدماغ الأمامية"، بالإضافة إى ذلك حدوث انخفاض في الكفاءة مما يؤدي إلى ضعف الإدراك، كما يتسبب الأفيون في ذهاب العقل والإصابة بالجنون إذا لم يعالج بالطريقة الطريقة الصحيحة تحت إشراف طبي من قبل مركز قويم لعلاج الإدمان.

الجهاز التنفسي

مخدر الأفيون يؤثر على الجهاز التنفسي، وهو المسؤول عن تنظيم التنفس و تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الدم والهواء، فعندما يستخدم شخص مخدر الأفيون يقلل من نشاط المركز التنفسي في المخ، مما يؤدي إلى تباطؤ التنفس وتقليل كمية الأكسجين التي تصل إلى الأعضاء والأنسجة، وبعض آثار مخدر الأفيون على الجهاز التنفسي هي:
يزيد من إفراز المخاط في الجهاز التنفسي، مما يسبب احتقانًا في الصدر وصعوبة في التنفس كما يؤدي إلى تهيج الحلق والقصبات الهوائية، مما يسبب سعالًا جافًا أو رطبًا.
يقلل من تدفق الدم إلى عضلة القلب، مما يؤدي إلى نقص في الأكسجين والغذاء وهذا يمكن أن يسبب تلفًا في خلايا عضلة القلب أو موتها، مما يؤدي إلى حالة خطيرة تسمى احتشاء عضلة القلب.
مخدر الأفيون يمكن أن يؤدي إلى حالة خطيرة تسمى توقف التنفس وهي عندما يتوقف التنفس بشكل كامل أو شبه كامل وهذا يمكن أن يحدث بسبب جرعة زائدة من مخدر الأفيون أو استخدامه مع مخدرات أخرى تؤثر على التنفس، مثل الكحول أو المهدئات، وتوقف التنفس يمكن أن يؤدي إلى نقص حاد في الأكسجين في المخ والجسم، مما يؤدي إلى فشل في وظائف حيوية أو موت دماغي أو موت سريري.

القلب

الجهاز القلبي الوعائي هو النظام الذي ينقل الدم والمواد الغذائية والهرمونات والسوائل والغازات إلى كل أنحاء الجسم، ومخدر الأفيون يتداخل مع عمل هذا النظام، مما يسبب تغيرات في ضغط الدم ونبض القلب وحجم الأوعية الدموية، وهذه التغيرات تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، مثل:
انخفاض ضغط الدم ويحدث عندما تتسع الأوعية الدموية بسبب مخدر الأفيون، مما يجعل الدم يتدفق بشكل أسهل وهذا يجعل ضغط الدم ينخفض وهو قياس لقوة دفع الدم على جدران الأوعية وانخفاض ضغط الدم يمكن أن يسبب دوخة وإغماء وضعف وصداع.
ارتفاع نبض القلب ويحدث عندما يحفز مخدر الأفيون على جزء من الجهاز العصبي يسمى الجهاز العصبي الودي، وهو المسؤول عن التحكم في بعض الوظائف التلقائية للجسم، مثل التنفس والهضم والتعرق وهذا يجعل نبض القلب يزداد، وهذا يجعل القلب يحتاج إلى المزيد من الأكسجين والطاقة للعمل، مما يزيد من احتمال حدوث اضطرابات في ضربات القلب أو آلام في عضلة القلب.
تخثر الدم وهذا يحدث عندما يؤثر مخدر الأفيون على بروتينات تجلط الدم، وهي المسؤولة عن إيقاف النزيف عند حدوث جرح مما يجعل الدم يتكتل في الأوعية الدموية ويسبب انسدادًا في تدفق الدم وهذا يحرم بعض أجزاء الجسم من الأكسجين والغذاء، مثل القلب أو المخ أو الرئتين أو الكلى ويسبب حالات خطيرة مثل السكتة الدماغية أو الجلطة الرئوية أو فشل الكلى.

اضطراب تعاطي مخدر الأفيون

اضطراب استخدام مخدر الأفيون هو حالة نفسية وجسدية تحدث عندما يصبح شخص معتادًا على استخدام مخدر الأفيون بشكل منتظم ويعتمد عليه للشعور بالرضا أو لتجنب الانسحاب، واضطراب استخدام مخدر الأفيون يؤثر على صحة وسلامة وجودة حياة المستخدم والآخرين من حوله، فبعض مراحل اضطراب مخدر الأفيون هي:

التحمل

وهو زيادة في كمية مخدر الأفيون التي يحتاجها المستخدم للحصول على نفس التأثير، هذا يؤدي إلى زيادة في جرعات وتكرار استخدام مخدر الأفيون، مما يزيد من خطر حدوث آثار جانبية سلبية أو جرعة زائدة.

الانسحاب

وهو مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية التي تحدث عندما يقلل المستخدم من استخدام مخدر الأفيون أو يتوقف عنه بشكل مفاجئ وهذه الأعراض تشمل التعرق والقشعريرة والارتجاف والصداع والغثيان والقئ والإسهال والآلام في المفاصل والعضلات والظهر والقلق والاكتئاب والأرق والهلاوس وهذه الأعراض تبدأ بعد ساعات قليلة من آخر جرعة من مخدر الأفيون وتستمر لعدة أيام أو أسابيع وتجعل المستخدم يشعر بالرغبة الشديدة في استخدام مخدر الأفيون مرة أخرى لتجنب الانسحاب.

الانحلال الاجتماعي

وهو تدهور في علاقات المتعاطي مع عائلته وأصدقائه ومجتمعه بسبب استخدام مخدر الأفيون وهذا يحدث بسبب تغيرات في شخصية وسلوك المستخدم، مثل الكذب والسرقة والعزلة والعدوانية والتهور، كما يحدث بسبب تجاهل المستخدم لمسؤولياته واهتماماته وهواياته مثل العمل والدراسة والصحة والرياضة وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة والاحترام والدعم من قبل الآخرين.

الفرق بين الحشيش والأفيون

الأفيون ليس هو الحشيش حيث أنهما مادتان مختلفتان جدًا ويكمن الاختلاف في التالي:
الأفيون مشتق من نبات الخشخاش ويزرع ويستخدم منذ حوالي 3400 قبل الميلاد والحشيش هو زهور نبات القنب ويزرع ويستخدم منذ أكثر من 12000 عام.
الأفيون والحشيش يختلفان في آلية تأثيرهما على الجسم، فعندما يدخل الأفيون الجسم، يرتبط بمستقبلات الأفيونات التي تقلل من الألم عن طريق التأثير على المسارات العصبية، وعندما يدخل الحشيش الجسم، يرتبط مكونه الفعال رباعي هيدرو كانابينول (THC) بمستقبلات القنب التي تنتج تأثيرات متنوعة عن طريق التأثير على مستقبلات مختلفة في الجسم.
كما أن الأفيون يسبب النعاس، لكن الأفيون له تأثيرات سلبية أخرى مثل إحداث قصور في التنفس، إمساك وضعف في المناعة، وبعض التأثيرات المعروفة للحشيش هي تخفيف الألم، زيادة الشهية، وتحسين المزاج، لكن الحشيش له تأثيرات سلبية أخرى مثل إضعاف التنسيق الحركي، التحكم في الزمن، والذاكرة.
الأفيون والحشيش يختلفان في قابلية إدمانهما، فالأفيون هو مادة مخدرة قوية جدا وخطيرة جدًا واستخدامه يؤدي إلى اعتماد جسدي ونفسي سريع وصعب التغلب عليه، وتعاطي جرعة زائدة من الأفيون يمكن أن يؤدي إلى الموت بسبب توقف التنفس، والحشيش هو مادة مخدرة أقل قوة وخطورة واستخدامه يؤدي إلى اعتماد نفسي فقط ولا يؤدي إلى اضطرابات جسدية خطيرة، وتعاطي جرعة زائدة من الحشيش لا يؤدي إلى الموت بسبب توقف التنفس.

الخاتمة

في النهاية بعد أن تعرفنا على ما هو مخدر الأفيون يظهر لنا بشكل واضح بأنه واحد من أكثر المخدرات تأثيرًا وانتشارًا في المجتمعات حول العالم ويعد نوعًا من المخدرات القوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتسبب تأثيرات نفسية وجسدية قوية وعلى الرغم أن الأفيون يستخدم في الأصل لأغراض طبية لتخفيف الألم الشديد، إلا أن سوء استخدامه وإدمانه يشكلان تحديًا كبيرًا للصحة العامة والمجتمعات، فمن المهم أن نفهم أن الإدمان على الأفيون ليس مجرد قضية تتعلق بالشخص فقط، بل يؤثر على العائلة والمجتمع بشكل عام فيجب علينا تعزيز الوعي حول مخاطر الأفيون وتوفير الدعم والعلاج المناسب للأشخاص الذين يعانون من إدمانه كما يجب أن تتخذ الحكومات والمؤسسات التعليمية والصحية إجراءات فعالة لمكافحة انتشار هذا المخدر.